السبت، 24 ديسمبر 2016

قطارٌ فات لكنها لن تجريَ وراءه

فاتها قطار الزواج كما يقولون، ويكاد أن يسافر معه جمالها... لكنها رغم كل شيء تصر بعناد واضح على رفض الخطّاب الواحد تلو الآخر.
قالت إحداهن لها:
-
لماذا؟
فأجابت دون تردد:
-
أخاف... أخاف من الرجل العربي وعقليته الذكورية، أخاف من زواج تقليدي كزواج كل واحدة منكن.
-
هل ترغبين بالزواج من غربي إذن؟!
سكتت بيأس من لا يَصل صوته، فأضافت أخرى:
-
استمري في رفضك... وإذن ستعنسين!
انفجرت من سكوتها لحظتها:
-
وهل علي أن أقبل بزواج لا يرضي طموحي إرضاء لمجتمع يتهكم بعنوستي؟!
لطفت الأولى الجو:
-
ألا ترغبين بالأمومة؟ وهل أجمل من إحساس طفل ينمو داخل أحشائك، ثم يخرج للدنيا وهو يناديك بأمي؟
-
نعم، أرغب... لكن رغبتي تلك ليست سوى أنانيتي في أن أكون أمًا... إنه أروع إحساس حتما لكنه ليس سوى غريزة حيوانية هدفها التكاثر، ولست أركن لها لأن صوت العقل بداخلي يمتنع.... لأن منظومة الأسرة العربية منظومة ظالمة، ولست أسمح لرغبتي في الأمومة أن تتطغى على حق الطفل في أن يترعرع في بيت يُقام فيه العدل.
لم يفهمن كلامها فجارت بعينيها في وجوههن وأكملت:
-
أنتِ، وأنتِ... من ماذا اشتكيتن منذ لحظات ليست ببعيدة؟ من الطبخ، من الغسيل، ومن بيت يحتاج لتنظيف! ماذا عن أزواجكن العاطلين عن العمل وهم في البيت كباقي أثاثه لا يخففون من مهامه؟
-
لا بصراحة زوجي يساعدني، اليوم فقط قام بـ...
-
حسنا، المحظوظة منكن زوجها يساعدها... لكن أجيبيني بصراحة؛ أليس هم البيت كله يقع على رأسك في الأخير؟ إن أقصى ما يفعله الزوج هو المساعدة لا أكثر، هذا بالرغم من أنه قابع في البيت وأنت هنا تطلبين الرزق!
-
معك حق!
-
إنها منظومة غير عادلة، أنتن اليوم صغيرات، في كامل صحتكن... لكن غدا ستكبرن، ستمرضن... ستحتجن لمن يخفف عنكن، لكن الواقع المحتم هو أنكن وللأبد ستبقين خادمات لزوج يظل مثل طفل من أطفالكن غير أنه لا يكبر قطعا... حتى يموت! هذه الحياة الكئيبة قرار شخصي، أنتن حرّات في الأخير... لكن لا أملك إلا التساؤل هل رغبتكن في التكاثر والإنجاب أهم من حق الطفل في أن ينشأ في أسرة سليمة؟ وإن كبر هذا الطفل سيكون نسخة من والده، وإن كبرت هذه الطفلة ستكون نسخة من والدتها... وهكذا نبقى ندور في نفس الدوامة لا يتغير شيء من واقعنا... إن رفضي لزواج كهذا هو رفض لاستكمال هذه الحلقة المفرغة. إنني لن أنجب من رجل أيا كان حتى أتأكد من أنه الشخص الذي أرتضيه أبا لأطفال لا ذنب لهم غير أن أمهم ترغب في مشاعر الأمومة!! انعتوني بالعانس كيفما شئتم، فغدا يُقال فيكم ما قاله المعري:
هذا ما جناه أبي عليّ، وما جنيت على أحد!

هناك تعليق واحد:

  1. أهلا و سهلا
    نشكر لك كثيرا ما تقدمه للتدوين العربي حرفا و فكرا
    ندعوك لزيارة موقعنا للتفاعل و تبادل المتابعة :
    https://sociopoliticarabsite.wordpress.com/
    وافر التقدير

    ردحذف