الخميس، 21 مايو 2015

وهل للإناث ختان؟



في يوم من الأيام لم أستطع أن أنهض من سرير لم أنم ليلته، أرق أصابني، تقلبت وتقلبت فوق ذلك الفراش، لكن النوم أقسم أن لا يأتي... بالقلب غصة، حريق، شيء مؤلم، موجع حد الممات... كنت عادية، قبلها بقليل فقط كنت عادية، أقسم أني كنت عادية، لكن ما الذي جعلني أفتح التلفاز في تلك الليلة المشؤومة؟ لِم لَم أنم مباشرة؟ لم شغّلته قبل موعد نومي؟ ذلك التلفاز الذي أصبح صندوق باندورا الخاص بي، صندوقٌ لم يكن يجدر بي فتحه، لكني فتحته فجلب علي شلالا لا يتوقف من الآهات...

كان البرنامج للفتوى... "ما حكمه؟" سأل السائل عن ما أسماه "ختان الإناث"...! وهل للإناث ختان؟؟!

حقًا كنت بريئة! كنت ساذجة تعيش في عالم تراه ورديًا جميلًا، لم أكن أعلم ما يتخفى خلف الستائر من سواد، من قبح لم تطلع عليه حدقاتي، لكني تلك الليلة فتحت الأستار... "وهل للإناث ختان؟" سألت جوجل وجاء جوابه قاسيا لاسعا، طعنني الطعنة تلو الطعنة في قلبي... رأيتُ الصور... شاهدت الدمعات... كانت صورًا وكنت أبصرها بعيني، لكن أذني سمعت الصرخات مدوية... سألته مرّة أخرى: "لمَ كل هذا؟" فجاءت طعناته الأخرى التي كانت أقوى من الأولى، جاءت طعناته تقول بأن ذلك كله لكي يستمتع الذكر أكثر، لكي يضمنوا عدم خيانتها له... لكي... لكي... سيال من التفسيرات التي كانت موجعة أكثر من الفِعل نفسه... يُخيطونها، يُكبلونها، يُوصدونها، يغتالون أنوثتها، وكل شيء من أجل شهوات الذكر... ألا لعنة الله على الذكور! 
 
ولم أنم ليلتها... أصابني الغثيان... كابوس رأيته وأنا مستيقظة فحرمني المنام، وياليته كان كابوسًا فينتهي باستيقاظي، لكنه كان حقيقة... حقيقة حياة الآلاف من الفتيات على سطح هذه الأرض... 



في الأساطير الإغريقية كان لباندورا صندوق، فتحَته فضولا وكان يجب أن لا تفتحه، فتحَته ليخر منه تيار من البؤس والألم غمر الأجواء... ولحياتي صندوق كصندوقها فتحته فضولا مثلها، وجنى علي ما هو أكثر بؤسا من بؤسها... ومن يومها لم أعد سعيدة.

اقتباس على لسان إحدى الشخصيات من رواية جنتها لا ذكور فيها
لتحميل الرواية:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق